ينص الدستور الثوري الخميني الذي كتب في عام 1979م, من القرن الماضي على تصدير مبادئ الثورة الخمينية خارج حدود إيران وهو ما يعني زرع المليشيات الخمينية المشيعة بالتطرف الشيعي الطائفي إلى دول المنطقة.
وبعد مشاركة طهران في إسقاط نظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين للانتقام من العراق والمنطقة العربية عموماً، وعملت بواسطة فيلق القدس الإرهابي على تشكيل هلال شيعي للإحاطة بدول الخليج وعلى رأسها المملكة العربية السعودية.
وكانت البداية من العراق الذي انشات فيه مليشيات تدين بالولاء للخميني واقامت معسكرات تدريب يشرف عليها الحرس الثوري ذراعها الإرهابية الطولي في المنطقة.
كما تكرر ذلك في سورية وقبلهما في لبنان وصولاً إلى اليمن وهو دليل واضح للمخطط الفارسي الذي تصر طهران على تطبيقه ومن خلاله يتم تدمير الدول والشعوب العربية لصالح مليشيات تتحكم بها قيادة الحرس الثوري الإيراني وفق المصالح والأجندات الإيرانية الخارجية.
وفي سبيل ذلك لعبت إيران ومنظومة الأدوات التابعة لها والدول المتماهية معها على إسناد الفوضى في البلدان المنكوبة بتلك الأدوات -أدوات الإسلام السياسي بشقيه- بشتى الطرق والأساليب، وهذا ما نلاحظه في اليمن منذ الانقلاب الحوثي، حيث عملت طهران وذيلها في لبنان على إرسال الخبراء والمدربين والدعم المالي واللوجستي للمليشيات الحوثية ومدهم بكل وسائل الصلف والعجرفة والتربية المليشاوية لتتحول اليمن إلى مستنقع حرب دامية ويكون الحوثي خنجرا في خاصرة السعودية بشكل خاص،
وهو الهدف الذي تلاقت فيه الأحقاد القطرية مع طهران، وتماهت معه مسقط بصورة أو بأخرى نتيجة للمخاوف التي تعتري السلطنة تاريخيا من جوارها العربي خصوصاً من المملكة العربية السعودية، ولذلك تبلورت نواة تعاون إيراني -قطري، عماني، يهدف بالمقام الأول إعلامياً لتشويه الحقيقة وإبراز المتناقضات واختلاقها في صفوف التحالف العربي الذي هب لنجدة اليمن من البراثن الإيرانية السامة.
وتمحورت الاستراتيجية الإعلامية والسياسية لمحور إيران، قطر، عُمان، على عدة محاور؛ أولها التشكيك في أهداف التحالف العربي ومحاولة إظهار مطامع له في اليمن، وتقزيم التحالف عبر تصويره في نهاية المطاف كتحالف “سعودي إماراتي” وهو ما تكرره وسائل الإعلام القطرية منذ طرد قطر من التحالف العربي بعد انكشاف دورها المشبوه في دعم الحوثيين ومحاولة إرباك التحالف، وصولاً لتصنيف كل قوة معارضة للحوثي، وغير منسجمة مع الإصلاح، على أنها مجرد مليشيا، أو كما يتم تداوله (المدعومة إماراتياً)، برغم ما تحققه تلك القوات من انتصارات وإثبات فعلي على أنها الشرعية الحقيقية والسبيل القوي لاستعادة اليمن.
فمسقط روجت أكذوبة الحياد في خضم الحرب والصراع اليمني الدامي، وإعلان التحالف بدء شن عمليات عسكرية لمساندة اليمن الرسمية في استعادة مؤسساتها، نأت سلطنة عُمان بنفسها كعادتها معلنة الحياد، والوقوف على مسافة واحدة من الأطراف اليمنية، داعية لوقف التحالف وكذلك إنهاء الانقلاب.
واستقبلت وفد الحوثيين واحتضنت قيادات اخوانية وأسرهم، ولعل هذا هو الدور المناط بمسقط ضمن مخطط قطر وإيران، لتتجاوز السلطنة الدعم الدبلوماسي للحوثيين إلى دعمهم مالياً وعسكرياً عبر إرسال شحنات من الأسلحة والمعدات العسكرية التي تم ضبط الكثير منها قبل وصولها إلى مناطق سيطرة المليشيات الحوثية ، وبذلك تكون مسقط قد رفعت وتيرة دورها المشبوه في اليمن، تزامنا مع وصول قوات سعودية تابعة للتحالف العربي إلى محافظة المهرة على الحدود مع عمان ومباشرتها عملها لضبط الشحنات المهربة التي من بينها قطع غيار للصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة التي استخدمها الحوثيون في استهداف الأراضي السعودية، وهو الأمر الذي جعل القيادة العُمانية تُدرك أن مخططها انكشف وأن دور التعمية والضبابية لم يعد مقبولاً.
التنسيق القطري العماني لصالح الاخوان والحوثي:
بدا التنسيق القطري العماني أكثر وضوحاً من خلال الخادم والتقارب الذي ترعياه بين جماعتي الحوثي والإصلاح، من خلال اللقاءات والحوارات التي أجريت بين قيادات حوثية وإصلاحية برعاية المخابرات السلطانية والقطرية واستضافتها سراً مسقط، وكذلك دعم المجاميع التي كونها الشيخ الإخواني حمود المخلافي في تعز تحت مسمى (الحشد الشعبي)، وكذلك دعم وتحريك المظاهرات في المهرة ضد السعودية وفي سقطرى ضد الإمارات، ومحاولة إحياء وتلميع التيارات الجنوبية الموالية لإيران مثل جماعة باعوم، وجدت مسقط نفسها في تحالف ثلاثي مع إيران وقطر تمخض عن إنشاء ما بات يعرف بخلية مسقط، وهو تجمع يضم سياسيين وإعلاميين وضباطا يمنيين يشرفون على الملف اليمني وينفذون السياسة العمانية القطرية الإيرانية في اليمن .
واتهم التقرير الأممي الصادر مؤخراً السلطنة بتهريب السلاح للحوثي وقطع الغيار اللازمة للمسيرات والصواريخ البالستية، وتحولها وعدد من الشركات العاملة على أراضيها إلى قاعدة لوجستية متقدمة لدعم الحوثي، وزرع خلاياها وأتباعها الذين يمررون للحوثي تلك الشحنات بدءا من منفذ شحن وحتى مناطق سيطرة الحوثيين،
لقد ظهر انحياز عمان للحوثي عندما وقفت مسقط ضد أي توجه أممي لتصنيف الحوثيين كجماعة إرهابية، يشاطرها هذا الرفض كل من قطر وإيران، دون اكتراث لكل ما ترتكبه جماعة الحوثي في اليمن من جرائم فاقت ما في الإرهاب وكذلك استهدافها وتبنيها لعمليات اعتداء ندد بها العالم أجمع.
لقد برزت هذه الدول مسهلة الدور الإيراني في المنطقة العربية كونه قائما على الحقد والعداء التاريخي الذي يكنه الفرس للعرب، وكذلك للرغبة الخمينية الساعية لفرض التشيع المذهبي حتى يسهل عليها قيادة المنطقة والتحكم في مقدراتها، وقد نفهم الدور التخريبي لقطر كونها دولة وظيفية ومحمية للمخابرات الدولية ورأس الحربة في تنفيذ مخططات الشر والتدمير للأقطار العربية بالإضافة لقربها من الجماعات المتطرفة الإرهابية كداعش والقاعدة.
حيث لعبت الدوحة دور الوسيط في أكثر من مناسبة. إلا أنه من غير المفهوم ولا نستغرب الدور العماني كون النظام جزء من مذاهب التشيع الباطنية التي مثلها مذهب الإباضية العماني ذي المرجعيات الشيعية فلعبت مسقط دوراً سيئاً ألحق باليمن خراباً ودماراً واستفادت من ذلك دخول شركات الاتصالات العمانبة لتجد لها موطئ قدم في مناطق سيطرة المليشيات الحوثية .كمثال صارخ على الانتهازية المذهبية والاقتصادية للشعب اليمني أصل العرب وموئل الإسلام الفاتح.