أسامة عفيف
بشكل شبه يومي، يسقط المدنيون في مدينة تعز اليمنية ما بين قتيل وجريح، بفعل رصاص قناصات جماعة “الحوثي” التي ما تزال تحاصر المدينة منذ عشر سنوات، وتسيطر على أجزاء من المحافظة، في واحدة من أبرز الانتهاكات المروعة على مر التاريخ.
يحدث ذلك أمام مرأى ومسمع العالم أجمع، في وقت تروج فيه جماعة “الحوثي” أنها تدافع عن المدنيين في غزة من انتهاكات إسرائيل المروعة، لكن كيف يدافع “الحوثيون” عن أطفال غزة، في حين يغتالون أطفال تعز كل يوم؟
وعلى مدى سنوات الحرب، لم تتوقف قناصات جماعة “الحوثي” عن الانتهاكات ضد المدنيين في تعز، قناصات لا ترحم تستهدف كل حركة أمامها، رجال نساء وحتى أطفال.
المدنيون في مرمى القنص “الحوثي”
آخر حادثة قنص وقعت أمس السبت، حيث أصيب الشاب عبد اللطيف حسان عبد الله (26 عاما) برصاصة قنّاص تابع لجماعة “الحوثي”، أثناء تواجده بالقرب من منزله في قرية النبيع بمديرية مقبنة غربي المحافظة.
وتأتي هذه الحادثة بعد أيام فقط من مقتل المواطن طه أحمد عبد الله الحكيمي (63 عاماً) برصاص قنّاص “حوثي” بمنزله في حي كلابة شرق مدينة تعز، الأمر الذي يؤكد إجرام هذه الجماعة.
وتحولت هذه المدينة المكتظة بالسكان إلى شاهد حي على إجرام جماعة “الحوثي”، بعد أن أصبح الخوف جزءاً من حياة الأهالي اليومية، والموت يترصدهم في كل لحظة، لا سيما أولئك القاطنين في مناطق التماس.
من جانبه، يرى الناشط الحقوقي ماهر العبسي الذي يراقب الانتهاكات في تعز، أن عمليات القنص في المدينة لا تكاد تتوقف أبداً، وهو يرصد الحالات بشكل شبه يومي.
ويضف “العائدون من النزوح، يكونون غالباً من الأسر الفقيرة، ويضطرون للسكن في هذه الأحياء الخطرة والقريبة من خطوط النار، وذلك بسبب ارتفاع تكلفة الحياة في أماكن أخرى”.
إحصائيات مرعبة مع استمرار القنص
وفق أحدث إحصائية للمركز الأميركي للعدالة (ACJ) فإن عمليات القنص التي نفذتها جماعة “الحوثي” من 2015 إلى 2023، أوقعت 1979 ضحية، بينهم 824 قتيلا (166 طفلا، و87 امرأة، و571 رجلا)، وإصابة 1155 آخرين (302 طفل، و182 امرأة، و671 رجلا).
وتكشف هذه الإحصاءات أن قنص المدنيين يمثل وسيلة قتالية متعمدة تستخدمها جماعة “الحوثي”، لتصبح رصاصتها “الخفية” إحدى أكثر أدوات الحرب فتكاً بعد الصواريخ وقذائف المدفعية والألغام الأرضية.
عدوان “حوثي” مستمر على تعز
هذا النمط من الإجرام يؤكد أن العدوان “الحوثي” على مدينة تعز لم يكن مجرد استهداف عابر، بل استراتيجية تهدف لإرهاب السكان وفرض السيطرة عبر المستهدف المباشر.
ومع استمرار الحرب في اليمن، يبقى المدنيون في تعز رهائن لرصاص القناص “الحوثي”، رغم استمرار الهدنة الهشة، في حين تعكس المدينة المحاصرة معاناة أجيال أجبرت على العيش بين الموت والخوف منذ سنين وما تزال.
ويطرح هذا الواقع الكثير من الأسئلة حول جدية المجتمع الدولي في محاسبة من يضعون المدنيين في مرمى القنص المباشر؟ ومتى سيجد أهالي تعز حماية حقيقية تضمن لهم حق الحياة بعيداً عن خطوط التماس والرصاص “الحوثي”؟
التصنيف :
تقارير