أسامة عفيف
بين السجن والنفي إلى الخارج، تستمر فصول القمع “الحوثي” ضد الطائفة البهائية في اليمن، والتي تعيش واحدة من أصعب مراحلها في ظل تصاعد التحريض الطائفي من قبل قيادات الجماعة.
ومنذ الجائحة “الحوثية” على اليمن، كثّفت الجماعة من ملاحقتها لأفراد الطائفة البهائية خلال السنوات الأخيرة، تحت ذرائع واتهامات لا تستند إلى أي دليل قانوني، بل تنطلق من سرديات عقائدية مستوردة من النظام الإيراني.
اضطهاد البهائيين سردية مستوردة من إيران
وبحسب ناشطين من داخل الطائفة، فإن العشرات من البهائيين تعرضوا للسجن أو التهجير القسري، وسط اتهامات تتراوح بين “الارتباط بإسرائيل” أو “العمالة للخارج”، وهي تهم لطالما استخدمها النظام الإيراني لتبرير اضطهاد البهائيين على أراضه.
وفي السياق ذاته، يرى مراقبون أن جماعة “الحوثي” تحاول عبر هذا الاستهداف تكرار النموذج الإيراني في خلق “عدو داخلي”، يٌحمّله مسؤولية الأزمات الاقتصادية والسياسية المتفاقمة، تماماً كما فعلت طهران منذ 1979 حين نصّبت البهائيين كـ”عدو أيديولوجي دائم” لتنفيس الغضب الشعبي.
وتشير تقارير حقوقية، إلى أن ما يحدث في صنعاء من محاكمات جائرة، وتحريض ممنهج عبر الإعلام الرسمي لـ”الحوثيين”، لا يمكن فصله عن التأثير الإيراني المباشر، خصوصاً أن بعض من تولوا قضايا البهائيين في صنعاء تلقوا تدريباً مباشراً في إيران، بحسب مصادر مطلعة.
انتهاكات محزنة طالت البهائيين
في حديثه لـ”الحل نت”، يقول الدكتور نادر السقاف، مدير مكتب الشؤون العامة للبهائيين في اليمن، ما نعيشه نحن البهائيين في مناطق سيطرة جماعة “الحوثي” ليس مجرد تمييز ديني، بل هو اضطهاد ممنهج يرقى إلى التطهير العقائدي.
ويضيف السقاف، “لقد خٌيرنا بين التخلي عن معتقداتنا أو مواجهة السجن والتعذيب والنفي، ونحن لا نشكّل تهديداً لأحد، وكل ما نريده هو أن نعيش في وطننا بسلام وكرامة، لكن الجماعة لا تتسامح مع أي صوت يؤمن بالتعدد والقبول بالآخر”.
ورغم كل ما يواجهون من تضييق واضطهاد، يواصل البهائيون في اليمن، الإسهام في بناء المجتمع والمشاركة في الجهود الرامية إلى تحقيق “يمن” يسوده السلام والتعدد والتعايش، فهم وفق تعبير السقاف، يؤمنون بأن “خدمة الوطن لا تقتصر على فئة دون أخرى، ويسعون إلى مدّ جسور الحوار والتعاون بين جميع مكونات المجتمع دون تمييز أو إقصاء”.
ويشير، حتى اليوم، لا يزال العشرات من البهائيين مهددين لمجرد أنهم يؤمنون بدينهم، وهذه مأساة يجب أن يعرفها العالم.
خطاب الكراهية أداة للسلطة “الحوثية”
في موازاة الإجراءات القمعية، تلعب خطابات الكراهية دوراً جوهرياً في تكريس العداء تجاه البهائيين، حيث تستند جماعة “الحوثي” في تبرير اضطهادها للأقليات، ومنها البهائيون، إلى خطابات دينية تصفهم بـ”الخطر” و”التحرك الشيطاني”.
هذه اللغة التحريضية، التي تتكرر في خطب زعيم الجماعة ومفتيها الرسمي، لا تٌنتج فقط حالة من الكراهية المجتمعية، بل تٌشرعن الانتهاكات.
ويخشى مراقبون من أن يؤدي هذا التحريض إلى ممارسات عنيفة أوسع، خاصة في ظل غياب المساءلة وضعف الرقابة الدولية على ما يجري في الداخل اليمني.
وفي النهاية، تبقى مأساة البهائيين في اليمن شاهداً حياً على ما قد يسببه الخطاب الطائفي الذي بات يستخدم كأداة لتشتيت الانتباه عن الأزمات، عبر استهداف المواطنين لا لشيء سوى لاختلافهم العقائدي.
التصنيف :
تقارير