العملة لا تتحسن بالشعارات… بل بالقرارات الصعبة.


د. علي العسلي

في حوارٍ صريح وشفاف مع صحيفة الشرق الأوسط، وضع دولة رئيس مجلس الوزراء الأستاذ سالم صالح بن بريك النقاط على الحروف، وقدّم تشخيصًا دقيقًا للواقع الاقتصادي، وتحليلًا عميقًا لمسار الإصلاحات المطلوبة. ولقد صدق حين قالها بوضوح:

"العملة لا تتحسن بالشعارات، بل بالقرارات الصعبة والانضباط المالي".



وهنا بيت القصيد؛ فالمزايدون والمستعرضون، ممن يحاولون نسب ما تحقق لأنفسهم، أو الذين يقاومون الإصلاحات حفاظًا على مصالحهم الضيقة، يجدون في هذا القول رسالة مباشرة: أن الريال لن يتحسن إلا إذا تخلّوا عن امتيازاتهم، وانصاعوا لمقتضيات الانضباط المالي. لقد قالها برقيٍّ وهدوء، دون أن يجرح أحدًا، وهذه ميزة تحسب له.

لقد أوضح رئيس الوزراء أن التحسّن الملحوظ في قيمة الريال خلال الأشهر الماضية لم يكن وليد صدفة، بل ثمرة لحزمة من الإجراءات الشجاعة والسياسات المالية والنقدية المتكاملة التي انتهجتها الحكومة بالتنسيق مع البنك المركزي. وقد نجح –بفريق عمله– في كبح المضاربة، وضبط السوق، وترشيد الإنفاق، وتعزيز الإيرادات، في وقتٍ عصيب تتوقف فيه صادرات النفط الخام، المورد الرئيسي للخزينة العامة.

لقد أثبت رئيس الوزراء أن العمل الجاد يسبق الشعارات، وأن الصدق والشفافية هما السبيل لإعادة الثقة بين الدولة والمواطن. فرسالته تصل إلى القلب بما تحمله من صدق وتواضع وإخلاص. وهذه الخصال ـ التي يتحلى بها الأستاذ سالم بن بريك ـ كافية لأن يوفّقه الله في مسعاه.

لم يدّعِ دولة رئيس الوزراء بطولة أو زعامة، لكنه أثبت بالفعل أنه رجل دولة وأهل لها؛ يعمل بصمت، ويواجه تحديات كبرى بواقعية وشجاعة، واضعًا مصلحة المواطن فوق كل اعتبار.

وقدرك يا بن بريك أن تواجه "مرحلة صعبة"، هي في حقيقتها  فعلًا معركة مزدوجة: تتمثل في استعادة مؤسسات الدولة وبنائها من جديد، وفي الوقت ذاته معالجة الأوضاع المعيشية والاقتصادية والخدمية والأمنية المتردية. فأنت أهلٌ لهذه المسؤولية، فلتقابل التحديات بروح التحدي، ولتتسلح بالعقل والحكمة والتخطيط السليم، مع الاستعانة بالكفاءات الوطنية الصادقة، والتخصيص الأمثل للموارد المتاحة. ضاعف جهدك في تحصيل الموارد وتوظيفها التوظيف الكامل، واجعل من الإرادة والعزيمة والإدارة الرشيدة سلاحك في مواجهة هذه المعركة. وبحول الله، ستنجح في تجاوز هذه الأزمة المركبة، وتحويلها إلى فرصة للنهوض بالوطن، وإعادة الثقة إلى المواطن والدولة معًا.

ومن هنا، فإننا نؤيد ما طرحه في حواره مع صحيفة  الشرق الأوسط، ونطالب مجلس القيادة الرئاسي بمنحه الغطاء السياسي الكامل، وتمكين حكومته من ممارسة صلاحياتها بعيدًا عن العراقيل والتدخلات. فنجاح الحكومة هو نجاح للمجلس نفسه، وهو مرهون بإسناد خططها الإصلاحية التي تلامس حياة المواطنين.

كما نهيب بـ تحالف دعم الشرعية وأصدقاء اليمن تعزيز دعمهم السياسي والاقتصادي والإنساني للحكومة الشرعية، حتى تتحول بوادر التحسن الاقتصادي إلى مسارٍ مستدام يفضي إلى استقرار سعر الصرف، وتحسين الخدمات، وإعادة بناء الثقة بين المواطن والدولة. وفي هذا السياق، كان الدعم السعودي الأخير مثالًا صادقًا على المواقف الأخوية، ورسالة طمأنة وثقة لليمنيين. وما أحوج اليمن اليوم إلى استمرار مثل هذا الإسناد، مع انخراط بقية الشركاء الإقليميين والدوليين في دعم مسار الإصلاحات.

ختامًا: نقولها بوضوح؛ إن الشعب اليمني يقف خلف رئيس الوزراء، لأنه لمس فيه صدق القول، وصفاء النية، وإخلاص العمل. ومن يتحلى بهذه الخصال، حتمًا سينجح في إنعاش الاقتصاد، ودفع الرواتب، وتعزيز القوة الشرائية للمواطن عبر خفض أسعار السلع والخدمات.

وفي هذه الأيام المجيدة التي نحتفي فيها بأعياد الثورة اليمنية المباركة، نرفع أسمى التهاني والتبريكات إلى قيادتنا الشرعية، وحكومتنا الرشيدة، وشعبنا اليمني الصابر، سائلين الله أن يكون هذا العيد محطةً وطنيةً جديدةً تدفع نحو ترجمة الأهداف إلى واقعٍ ملموس، وحافزًا لمزيدٍ من الصبر والعمل والبناء، وبشارةً لقادمٍ أفضل يعيد للوطن مكانته، ولليمنيين عزتهم وكرامتهم. .

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال