جائزة نوبل للسلام أسرار 120 عاما... 10 أسئلة:


منذ أكثر من 120 عاماً تحولت جائزة نوبل للسلام إلى واحدة من أرقى الجوائز العالمية التي تكرم جهود الأفراد والمنظمات في صنع السلام وتعزيز الحوار وحماية حقوق الإنسان، وتمنح هذه الجائزة سنوياً في العاصمة النرويجية أوسلو، وفق وصية الصناعي السويدي ألفريد نوبل، تكريماً لمن يسعون إلى وقف النزاعات ونزع السلاح ونشر قيم العدالة والتعاون الدولي.

خلال تاريخها الممتد لعقود طويلة شهدت حروباً ونزاعات دامية، حملت الجائزة قصصاً ملهمة لزعماء ومناضلين وصحافيين ومنظمات إنسانية تحدوا الحروب والاستبداد وأثروا في مسار العالم، لتصبح مرآة للتحولات السياسية والإنسانية الكبرى، ومؤشراً على أولويات المجتمع الدولي في مواجهة أزمات الحاضر وبناء مستقبل أكثر سلاماً.

واليوم، تعود هذه الجائزة إلى الواجهة لسببين، الأول أن هوية الفائز بها سيعلن عنها خلال ساعات، والثاني أن اسم الرئيس الأميركي دونالد ترمب طرح كمرشح جدي، أقله إعلامياً، بالنظر إلى جهوده لمحاولة إنهاء الحرب في غزة وأماكن نزاع أخرى في العالم، لكن متابعين استبعدوا أن يظفر بها سيد البيت الأبيض.

إليكم في 10 أسئلة كل ما تحتاجون إلى معرفته عن هذه الجائزة.
 
1- ما هي جائزة نوبل للسلام؟
جائزة نوبل للسلام هي واحدة من الجوائز العالمية المرموقة التي تُمنح سنوياً تقديراً للجهود البارزة في تحقيق السلام، ووقف الحروب وحل النزاعات، وتعزيز حقوق الإنسان، ونزع السلاح، والتعاون بين الشعوب.

أنشأها المخترع والصناعي السويدي ألفريد نوبل الذي خصص جزءاً كبيراً من ثروته في وصيته عام 1895 لإنشاء جوائز تحمل اسمه في مجالات عدة، وقد بلغ عددها خمس جوائز، من بينها جائزة نوبل للسلام.

وقد توفي نوبل عام 1896 ولم يترك تفسيراً لاختيار السلام كفئة جائزة.

2- من يقرر هوية الفائز ويمنح الجائزة؟
تُمنح جائزة نوبل للسلام من قبل اللجنة النرويجية لجائزة نوبل، وهي هيئة مستقلة مؤلّفة من خمسة أعضاء يعيّنهم البرلمان النرويجي.

تتولى اللجنة دراسة الترشيحات التي تردها من شخصيات ومؤسسات مؤهّلة حول العالم، ثم تناقش وتقيّم إنجازات المرشحين في مجالات السلام وحقوق الإنسان ونزع السلاح وحل النزاعات.

وبعد أشهر من البحث والمداولات، تختار اللجنة الفائز أو الفائزين، وتُعلن النتيجة عادة في أوسلو خلال أكتوبر (تشرين الأول) من كل عام، على أن يُقام حفل تسليم الجائزة في الـ10 من ديسمبر (كانون الأول)، أي في ذكرى وفاة ألفريد نوبل.

وتحدد قوانين مؤسسة نوبل فئات الأفراد المؤهلين لتقديم ترشيحات لجائزة نوبل للسلام، فيما المرشِحون يمكن أن يكونوا أعضاء الجمعيات الوطنية والحكومات وأعضاء الاتحاد البرلماني الدولي، وأعضاء محكمة التحكيم الدائمة ومحكمة العدل الدولية في لاهاي، وأعضاء معهد القانون الدولي، وأكاديميين على مستوى الأستاذ أو الأستاذ المساعد في التاريخ والعلوم الاجتماعية والفلسفة والقانون واللاهوت، ورؤساء الجامعات، ومديري الجامعات (أو ما يعادلهم)، ومديري معاهد أبحاث السلام والشؤون الدولية.

إضافة إلى الفائزين السابقين بالجائزة، بما في ذلك أعضاء مجلس إدارة المنظمات التي حصلت عليها، والأعضاء الحاليون والسابقون في اللجنة النرويجية لجائزة نوبل، وأخيراً المستشارون الدائمون السابقون لمعهد نوبل النرويجي.
 
3- لأي أعمال تُمنح جائزة نوبل للسلام؟
وفق وصية ألفريد نوبل التي كتبها عام 1895، تُمنح جائزة نوبل للسلام للشخص أو الجهة التي "قدمت أكبر أو أفضل جهد من أجل الأخوة بين الأمم، وإلغاء أو تقليص الجيوش الدائمة، ونشر أو تعزيز مؤتمرات السلام"، ومن خلالها يكرم كل من يعمل على تعزيز التفاهم والتعاون بين الشعوب، أو يسهم في الحد من سباقات التسلّح والصراعات العسكرية، إضافة إلى إيجاد حلول سلمية للنزاعات الدولية ونشر ثقافة السلام.

ومع مرور الأعوام تغير مفهوم "السلام" ليشمل أيضاً حقوق الإنسان، وحرية التعبير، والمساعدات الإنسانية، ونزع الألغام، وغيرها من الجهود التي تُسهم في بناء عالم أكثر استقراراً وعدلاً.

4- من كان أول فائز بها عبر التاريخ؟
أول جائزة نوبل للسلام في التاريخ مُنحت عام 1901، وتقاسمها شخصان هما السويسري جان هنري دونان، مؤسس اللجنة الدولية للصليب الأحمر، تقديراً لجهوده الإنسانية في رعاية الجرحى خلال الحروب، والفرنسي فريدريك باسي، أحد أبرز أنصار السلام الدولي ومؤسس الجمعية الفرنسية للتحكيم بين الأمم.

أول جائزة نوبل للسلام في التاريخ مُنحت عام 1901 للسويسري جان هنري دونان بالاشتراك مع شخصية ثانية (ويكيبيديا)
 
5- على ماذا يحصل الفائزون بنوبل للسلام؟
يحصل الفائزون بجائزة نوبل للسلام على ثلاث مكافآت رئيسة تقديراً لإنجازاتهم، وتشمل أولاً ميدالية ذهبية يبلغ قطرها ستة سنتمترات تحمل صورة ألفريد نوبل منقوشة مع عبارة تشير إلى السلام والأخوة بين الشعوب، ثانياً شهادة رسمية تعرف بـ"دبلوم نوبل" تقدم بتصميم فني خاص لكل فائز، تتضمن اسمه وسبب منحه الجائزة، وثالثاً جائزة مالية تبلغ قيمتها نحو 11 مليون كرونة سويدية أي ما يعادل مليون دولار أميركي تقريباً، وتختلف سنوياً بحسب أرباح مؤسسة نوبل.

6- ما أول دولة عربية حصل أحد مواطنيها على جائزة نوبل للسلام؟
أول دولة عربية حصل أحد مواطنيها على جائزة نوبل للسلام هي مصر، وقد نالها الرئيس محمد أنور السادات عام 1978، بالشراكة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي مناحيم بيغن، تقديراً لجهودهما في توقيع اتفاقية "كامب ديفيد" التي مهدت لمعاهدة السلام بين مصر وإسرائيل.

قد اعتبر كثر أن هذه الجائزة شكلت محطة تاريخية، إذ جعلت السادات أول عربي وأول زعيم من الشرق الأوسط ينال نوبل للسلام، وفتحت الباب أمام مشاركة شخصيات عربية أخرى في العقود التالية.

7- متى مُنحت الجائزة للمرة الأولى لامرأة؟ ومن كانت؟
مُنحت جائزة نوبل للسلام للمرة الأولى لامرأة عام 1905، وكانت الفائزة هي الناشطة النمسوية بيرثا فون سوتنر.

واعتبرت بيرثا شخصية تاريخية ومن أبرز المناضلات من أجل نزع السلاح والسلام الدولي، واشتهرت بكتابها المؤثر "ألقوا السلاح"، الذي دعا إلى إنهاء الحروب وتسوية النزاعات بالحوار.

فيما تذكر تقارير عدة أن ألفريد نوبل نفسه تأثر كثيراً بأفكارها، ويُعتقد أن علاقتها الفكرية به أسهمت في إلهامه لتأسيس جائزة نوبل للسلام.

8- ما أكثر جنسية حازت جائزة نوبل للسلام؟
أكثر جنسية حصلت على جائزة نوبل للسلام هي الجنسية الأميركية، إذ نالها عبر التاريخ عدد كبير من الشخصيات والمنظمات الأميركية، ومن أبرزهم مارتن لوثر كينغ جونيور الذي نالها عام 1964 في الدفاع عن الحقوق المدنية، والرئيس السابق جيمي كارتر الذي نالها عام 2002 لوساطاته في حل النزاعات حول العالم، والسياسي الأميركي أل غور الذي نالها عام 2007 عن نشاطه في مكافحة التغير المناخي، والرئيس السابق باراك أوباما الذي نالها عام 2009 تقديراً لجهوده في تعزيز الدبلوماسية الدولية.

9- من هم أبرز المرشحين للحصول عليها هذا العام؟
شهدت جائزة نوبل للسلام هذا العام ترشيح 338  شخصية وجهة من مختلف أنحاء العالم، في وقت تظل فيه هوية المرشحين طيّ الكتمان لمدة 50 عاماً وفق قواعد مؤسسة نوبل.
وعلى رغم غياب اسم يُعد الأوفر حظاً للفوز، تتداول الأوساط الدولية عدداً من الأسماء البارزة بين المرشحين المحتملين، من بينها شبكة "غرف الطوارئ" السودانية، والروسية يوليا نافالنايا، أرملة المعارض الراحل أليكسي نافالني، إضافة إلى مكتب المؤسسات الديمقراطية وحقوق الإنسان التابع لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا.
يُذكر أن جائزة عام 2024 كانت قد مُنحت إلى منظمة "نيهون هيدانكيو"، وهي تجمع لضحايا القصف الذري على هيروشيما وناغازاكي، تكريماً لجهودها في مناهضة الأسلحة النووية ونشر ثقافة السلام.

لماذا لا يتوقع الخبراء فوز ترمب بنوبل للسلام هذا العام؟

أكثر من 300 مرشح لجائزة نوبل للسلام بينهم ترمب

10- ما حظوظ الرئيس الأميركي دونالد ترمب للفوز بها؟
من الناحية الإجرائية، يمكن ترشيح الرئيس الأميركي دونالد ترمب لنيل جائزة نوبل للسلام، طالما أن الترشيح يأتي من جهة مخولة، ذكرناها سابقاً، وبالفعل، رشح ترمب أكثر من مرة خلال فترة رئاسته، أبرزها عام 2020 بعد توقيع اتفاقات "أبراهام" بين إسرائيل وعدد من الدول العربية، التي رآها بعض النواب الأوروبيين والنرويجيين خطوة نحو السلام الإقليمي.

لكن من الناحية الموضوعية والسياسية، فإن فوزه بالجائزة غير مرجح حالياً لأسباب عدة، منها أن لجنة نوبل عادة تميل إلى تكريم المبادرات المستدامة للسلام لا الاتفاقات ذات الطابع التكتيكي أو القصير المدى، وبالنظر إلى دوره في وقف الحرب في غزة، فإن الأمور لم تستتب أمنياً بعد بصورة مستدامة في القطاع، مما يعني حكماً تراجع حظوظه.

ويضاف أن سجله في السياسة الخارجية والداخلية، وبخاصة لناحية الانسحاب من اتفاقات دولية، كتلك المتعلقة بالمناخ، واستخدام لغة تصعيدية، يتعارض مع معايير الجائزة التي تشدد على الدبلوماسية والتعاون الدولي

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال