🖊️#عبدالرحيم_الفتيح
مأساة اليمني أن يجد نفسه بين خيارين كلاهما سيء، حكومة شرعية تُدير الفقر بالطريقة التي تُدير بها احتفالاتها اليومية، وتصبح مجرد شعار.
ومليشيات حوثية تُصادر الهواء، وتنهب الروح، وتستعبد الناس تحت لافتات كاذبة وتستكثر على اليمني إيصاله إلى جحر الحمار لتدفعه إلى ما هو أبعد من الجحر الداخلي.
مأساتنا مختلفة ومعقدة، ولا حل لها سوى البكاء أو الثورة، ولا خيار ثالث سوى أن تبقى ظلا لحكومة تسرق يومك، أو عبدا لميليشيا تصادر غدك.
في الأولى ثمة شبكة لا يتسع لها وطن إلا راكمته بالفساد باسم الشرعية، وفي الثانية ثمة قطيع كبير يُراكم الرعب باسم الدين.. الولاية... إلخ
شرعية تُرهن المستقبل بصفقات فاسدة، وحوثية تُرهن الماضي بأساطير مريضة.
هكذا يمشي اليمني بين جوعين، جوع البطن في مناطق الشرعية، وجوع الكرامة والبطن تحت سلطة المليشيات.
ويحلم اليمني بين خيبتين، خيبة الذين خانوه وخذلوه، وخيبة الذين صادروا ثورته وثروته.
لطالما اعتقدنا أن المقارنات ظالمة حين تضع في كفة الشرعية وفي الأخرى المليشيات، مؤمنين بأن الأولى قابلة للتعديل، ويكفيك منها رائحة الدولة، غير أن الحقيقة أن الطريق يقودنا بين سيء وأسوأ، وفي المحصلة لا أمل يُرتجى من حكومة ترى الوطن خزانة مفتوحة، ولا خلاص يُرتجى من ميليشيا ترى الشعب قطيعًا في مزرعة الولي الفقيه.
وكأنه قدر اليمني منذ الأزل أن يقاتل على جبهتين: جبهة أن يبقى إنسانًا، وجبهة أن يبقى حرًا...
وكأنه قدرنا جميعا أن نختر بين أن نبيع جوعنا لمن ينهبنا، أو نبيع أرواحنا لمن يستعبدنا.
علينا أن نصرخ..!!
متى سنفعلها ونثور، متى سنعي ما يحدث، متى نصحو، ولو بعينين مكسورتان، متى سنهتف للحشود ونقول:" الوطن أكبر من لصٍ، وأكبر من جلاد ..."
وأنا أعيش ما يحدث، أعيش داخل هذه البوتقة المشروخة، استذكر هذا القصيد المأثور للبردوني عليه السلام:
من مات يا ابني؟ من الباقي؟ أتسألني!
فصولُ مأساتنا الطُّولى بلا عددِ
ماذا جرى في السنين السِّتِّ من سفري؟
أخشى وقوعَ الذي ما دار في خلَدي
مارستُ يا عمُّ حرب السَّبع مُتَّقِداً
تقودُني فطنةٌ أغبى من الوتدِ
كانت بلا أرجُلٍ تمشي بلا نظرٍ
كان القتالُ بلا داعٍ سوى المدَدِ
التصنيف :
كتابات واراء